نعيش اليوم في عصر يحتدم في الصراع بين العلم و الجريمة حيث شوهد مؤخرا تفاقم رهيب للجريمة و الإجرام بحدة، أصبحت تهدد أمن
و استقرار البلاد و هذا ما أستوجب إطلاق أجراس الإنذار للحد من تبلور الجريمة و تفاقمها و لذا تقوم أغلب الحكومات في العالم برصد الإمكانيات المادية و البشرية و القانونية لمحاكمة و تقديم كل من سولت له نفسه أن يخترق الأعراف و القوانين بارتكابه أي جرم كما تسخر هيئات و مؤسسات أمنية نظامية رادعة للجريمة و لكل تهديد للسلامة الجسدية للمواطن من أي تهديد داخلي أو خارجي، و بالموازاة مع ذلك تقوم هذه الدول بوضع أنظمة قانونية
التي من شأنها تصنف و تكيف الجرائم على حسب جسامتها و أثرها على الأمن العام و بالرغم من كل هذه الجهود المبذولة و الإمكانيات المسخرة من طرف هذه الدول، تبقى بعض الجرائم عالقة أمام القضاء، يصعب الفصل فيها و أن توفرت الأدلة و الإثباتات، إلا أنها تفتقر إلى دليل علمي قائم يمكن إدانة المتهمين إدانة قطعية.
و للعلم فإن جميع الأنظمة القضائية في العالم تعتمد في إدانة المتهمين على ثلاث قواعد أساسية، أن يكون المتهم موقوفا في حالة تلبس أو باعتراف شخصي للمتهم بالإضافة إلى الكشف عن طريق الخبرة من شانها الإدانة التي لا يمكن الطعن فيها، فلا يمكن لأي مجرم أن يمنع حدوث أي دليل مادي أو بيولوجي في مكان الجريمة أو على الضحية نفسها، و من هذا المنطلق تنصب جهود المختصين في علم الإجرام على تسليط الضوء على الجانب العلمي في علم الإجرام. هذا ما تجسد في عام 1985 باكتشاف البصمة الوراثية من طرف الدكتور جيفري و بعض زملائه من وحدة البحث البيولوجي في جامعة لستر و قد أتمرت أبحاثه على إمكانية إيجاد بصمة جينية تدعى ADN ،لأن الخلايا ذات الأنوية التي تحتوي على الحمض النووي ADN ، تتضمن كل المعلومات الجينية للفرد، لأن العتاد الخاص بخلايا الفرد لا يمكن أن يتطابق في جميع الأحوال مع عتاد غيره.
خلال بحثنا هذا المنحصر في البصمة الوراثية، سلطنا جل الضوء على الجانب القانوني الجزائي باعتبارنا شرطة قضائية، الأمر الذي يجعلنا نطرح بعض الإشكاليات تستوجب الإجابة عليها من خلال الغوص و البحث في خبايا البصمة الوراثية.